السعودية تعزّز تركيزها على حلول الطباعة والتغليف المستدامة
Click on image to download high resolution version
بواسطة Andrew Thomas-Emans
يقف قطاع الطباعة والتغليف أمام فرص كبيرة في المملكة العربية السعودية نظراً للدور المحوري الذي تلعبه الاستدامة في رؤية المملكة 2030.
تسعى رؤية 2030 إلى استبدال الواردات بالإنتاج المحلي ضمن مجموعة واسعة من القطاعات الاستهلاكية والصناعية، وتعتزم المملكة تحقيق هذا الهدف الطموح من خلال إرساء معايير جديدة للإنتاج المستدام والحفاظ على البيئة.
وينطبق هذا الأمر على كافة قطاعات الاقتصاد والمجتمع السعودي، ولعل أفضل مثال على هذا التوجه يتمثل في مشروع نيوم البالغة قيمته 500 مليار دولار، والهادف لبناء نوع جديد من المدن المستدامة.
كيف سيؤثر ذلك على قطاع الطباعة والتغليف، وما هي معايير الاستدامة المحتمل أن تكون شركات الطباعة والتغليف مطالبة الالتزام بها في المملكة؟
قبل كل شيء، لا بد من الإشارة إلى أن أي مزوّد للطابعات أو المحولات أو آلات التغليف يثبت التزامه بالمعايير المحسّنة في الاستدامة، فإن ذلك سيمنحه ميزة تنافسية مباشرة، سواء كان ذلك عن طريق الحد من النفايات بشكل عام، أو الاستغناء عن المواد الكيميائية القائمة على المذيبات في منشآت الطباعة، أو استخدام مواد الطباعة المستدامة، أو الالتزام بالإنتاج الخالي من الكربون، أو الانخراط في معالجات إعادة التدوير، أو التخلص من المنتجات المطبوعة أو المغلفة غير القابلة للإرجاع/إعادة التدوير. كما سيكون مطلوباً الحصول على شهادة بيئية من عيار الآيزو 14000 أو شهادات مجلس رعاية الغابات (FSC) أو الشهادة الأوروبية للغابات (PEFC)
وعلى صعيد الطباعة التجارية، نشهد تفضيلاً واضحاً للطباعة الرقمية، حيث تعود بمنافع ملموسة على صعيد الاستدامة تشمل الحد من النفايات وخفض استهلاك الطاقة. وفي الحالات التي تتم فيها مواصلة استخدام الطباعة التقليدية، ينبغي السعي قدر الإمكان لتقليل المذيبات المستعملة في الطباعة والمعالجة والتنظيف.
وعلى صعيد طباعة العبوات، من المرجح أن يكون هناك تفضيل واضح للطباعة باستخدام تقنية الصمامات الثنائية الباعثة للأشعة فوق البنفسجية (LED-UV) والحبر المائي بدلاً من الأحبار المذيبة. وعندما يكون الحفر هو الحل الأمثل للطباعة، فيجب تحديد الأهداف ومشاركتها للحد من انبعاثات المذيبات في الهواء.
أمّا إنتاج اللصاقات، فيتبوأ الصدارة على صعيد تطوير الحلول المستدامة، سواء على صعيد تقنيات اللصق الذاتي أو الأكمام القابلة للانكماش، والتي تدور حول إعادة تدوير نفايات البطانات وإزالة الحبر الملوّث من هذه الأكمام. كما نشهد تزايداً في استخدام المواد المعاد تدويرها بعد الاستهلاك ضمن كل من اللصاقات البلاستيكية والورقية.
وسيتعين على موردي ومحولي الطباعة في المملكة العربية السعودية إثبات إلمامهم بهذه الحلول والإفصاح عن بنيتهم التحتية المتعلقة بالاسترداد وإعادة التدوير داخل المملكة.
مواد وآلات التغليف
على صعيد مواد وآلات التعبئة والتغليف، ثمة طرق عديدة لإثبات الالتزام بالاستدامة، ومن المرجح أن تتم مكافأة الشركات على اعتمادها إجراءات وأساليب جديدة من شأنها تقليل النفايات وتعزيز الاستدامة.
هناك العديد من الأمثلة التي تهمّ الجهات المشاركة في معرض الخليج للطباعة والتغليف، حيث ستكون المنهجيات الجديدة موضع ترحيب، بما فيها تقليل الفراغات في ألواح الكرتون والحاويات المموجة، مع استخدام الأوراق والألواح القابلة لإعادة التدوير بدلاً من ورق الفقاعات ورقائق البوليسترين.
إن تقليل الفراغات يسمح لشركات النقل بحمل عدد أكبر من العبوات الأصغر حجماً في الشاحنات والحاويات، وهو ما يعد مطلباً بالغ الأهمية في ظل الإقبال المتزايد على التجارة الإلكترونية.
كما يعتبر تخفيف الوزن مقياساً أساسياً آخر للاستدامة، وهو ينطوي على تقليل سماكة الزجاج ووزن الورق المقوى وكثافة البلاستيك بهدف تقليص الوزن الإجمالي للمواد المنقولة من مرافق التعبئة والتغليف إلى المستخدمين النهائيين، وكل ذلك مع الحفاظ على خصائص الأداء الأصلية مثل القوة الميكانيكية وقوة الانفجار.
قابلية الإرجاع وإعادة التدوير
من المرجح أن تسعى هيئات المواصفات السعودية المعنية بالتغليف إلى توسيع نطاق استعمال الحلول القابلة للإرجاع وإعادة الاستخدام، وسيتضمن ذلك إنشاء بنية تحتية جديدة مثل مراكز إعادة التعبئة في مراكز التسوق بهدف تأسيس أنظمة دائرية مغلقة، فضلاً عن العمل مع شركات التجارة الإلكترونية لإنشاء مستودعات إرجاع حيث يمكن جمع العبوات وتنظيفها وإرسالها لإعادة التعبئة. وسيتيح معرض الخليج للطباعة والتغليف 2025 فرصة لاستكشاف آفاق هذا النوع من الشراكات في المملكة العربية السعودية.
وتتضمن حلول التغليف المستدامة الأخرى زيادة استخدام التغليف والصواني والحاويات القابلة للتحلل البيولوجي والقابلة للتسمّد، مع الإشارة إلى الحاجة لمرافق مخصصة للتسميد، وهو مجال آخر سيكون المعنيون به على موعد مع فرص مجزية لتناوله وتباحثه في سياق معرض الخليج للطباعة والتغليف، وذلك بهدف مناقشة سبل تطوير المنشآت المخصصة لهذا النوع من الحلول.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أنّه من المرجح للتغليف القابل للتحلل أن يصبح غير مستحسن، لأنه يعمل عن طريق تفكيك التغليف البلاستيكي إلى جزيئات أصغر فأصغر كي تصبح جزيئات دقيقة بات من المعروف اليوم بأنها تشكل تهديداً للبيئات البحرية والبرية على حد جواء، في حين تتحلل العبوات القابلة للتحلل الطبيعي بحيث لا تخلّف أي بقايا سامة.
بالنسبة للمواد المركبة التي تجمع بين عناصر قابلة لإعادة التدوير وعناصر غير قابلة لإعادة التدوير، فهي تمثل مشكلة نظراً لعدم القدرة على فصل المكونات، والتي لا تترك خياراً آخر سوى التخلص من هذه المواد في مكبات النفايات.
إن التحدي الذي تواجهه شركات التعبئة والتغليف يكمن في العثور على مواد أحادية يمكن إعادة تدويرها بالكامل ولكنها تتمتع في الوقت عينه بنفس خصائص الأداء التي تتيحها المواد المركبة المستخدمة، سواء على صعيد التغليف المحكم وتشكيل الحواجز والطباعة. لهذا السبب سيتم تسليط الضوء على آخر المستجدات في صناعة الأكياس والأنابيب في سياق فعاليات معرض الخليج للطباعة والتغليف في الرياض.
الأتمتة
ترتبط أتمتة آلات التغليف ارتباطاً وثيقاً بالاستدامة والترويج لاعتماد المواد المحسّنة والحد من النفايات.
على سبيل المثال، من شأن أتمتة مناولة العبوات النهوض بالاستدامة في كل من مجالات اللوجستيات والتوزيع والتجارة الإلكترونية والتصنيع، حيث إن قياس وتقطيع مواد التغليف بدقة كبيرة كي تناسب حجم المحتويات يسمح بتوفيرها وتقليص النفايات بشكل كبير. علماً أنّه يجب تعديل هذه الأنظمة كي تصبح ملائمة للتعامل مع المواد المعاد تدويرها والقابلة لإعادة التدوير.
وفي حين يجب أن تكون الأتمتة جزءاً مدمجاً من المخططات الأصلية لمنشآت التغليف، غير أنه بالإمكان أيضاً تحقيق مكاسب كبيرة على صعيد الاستدامة عبر تحديث العناصر المؤتمتة في خطوط إنتاج التغليف القائمة.
وبعبارة أخرى، فإن معرض الخليج للطباعة والتغليف 2025 سيتيح فرصة فريدة لتقييم المتطلبات المحلية وإرساء معايير المواد والأنظمة التي سيكون من شأنها، ومنذ بدء اعتمادها، دعم مساعي المملكة بما لا يقتصر فقط على استبدال الواردات بالإنتاج المحلي، وإنما ستسمح أيضاً بالنهوض بمعايير الاستدامة في القطاع انسجاماً مع رؤية 2030.